“خرافات شارع النبي دانيال في الإسكندرية”
ترددت على مسامع أهل الإسكندرية في الزمن القديم مقولة “احترس من ابتلاع السيدات”، وتعد من أكثر الأحاديث رعبًا في شوارع الإسكندرية وأغرب العادات السكندرية.
دائمًا ما يكون لكل شيء وجهان، أحدهما ظاهر والأخر متواري عن الأنظار، وهكذا اشتهر شارع النبي دانيال، فبالرغم من شهرة شارع النبي دانيال بمعالمه الثقافية، والحضارية، وتردد الناس عليه لشراء الكتب باعتباره كنز من الكتب، الا وإن في زمن من الازمنة كان يُمثل رعب لأهالي الإسكندرية، وذلك عما ورد عن لسان المواطنون السكندريين.
“شارع الرعب”، “شارع ابتلاع السيدات”، كذلك أطلق على شارع النبي دانيال، لِما وُرد عن لسان رُواه، بأن في فترة الخميسينات مرت سيدة في الشارع، وتم إنشقاق الأرض، وبلعها ولم يظهر لها اي أخبار، كما ترددت الحادثة مرة أخرى عندما مر احد زوجين حديثي الزواج، والأرض ابتلعتهما، ولم يظهر لهم اي أخبار حتى الوقت الحالي.
ولم تكن أرض شارع النبي دانيال عاشقة لخطف سيدات المدينة فقط، بل ان ذُكر بوجود تاجر لقى حفرة كبيرة في الأرض ابتلعت جزء كبير من بضاعته، وكأنها طُعم لإغوائه للنزول بها، وبالفعل نزل التاجر بالحفرة للبحث عن بضاعته، ولكن أغلقت الأرض عليه وابتلعته، ولم يظهر له اي أثر حتى الآن.
وعندما سُئل احد سكان شارع النبي الدانيال القديم، ويُدعى مصطفى سعيد، ويكون احد بائعي شارع النبي دانيال، ويحكي إنه تربى في ضواحي شوارع الإسكندرية، خاصٍ شارع النبي دانيال خصوصًا في فترة السبيعينات عندما لازال طفل صغير، وكان يتم القص عليه حواديت وقصص عن حوادث شارع النبي دانيال من قِبل والده وجده، مثل وجود روح شيطانية، وجن، وأرواح شريرة تسكن أرض شارع النبي دانيال مُنذ عهد بناء مدينة الإسكندرية على يد الدولة اليونانية الرومانية، ووجود كم كبير من الآثار المفقودة تحت الأرض يعود إلى عهدهم.
وأشار لقصص وأحاديث تُروى عن مقبرة الإسكندر الأكبر، بأن تم دفنه في أرض شارع النبي دانيال، ولكن لم يتم تحديد مكانه حتى عصرنا هذا، وأضاف بأن يوجد بعثات ودراسات أجنبية باحثة عن مقبرة الإسكندر الأكبر، ولكنها باءت بالفشل، ولم يتم العثور على شيء حتى الآن.
وتم أخذ كلام عن لسان روماني انطونيو، الذي كان يبيع الكتب في شارع النبي دانيال، إن كل الروايات التي قُصت عن شارع النبي دانيال ما إلا بسبب الآثار الموجودة في أرضه، وذكر تميز شارع النبي دانيال بوجهته المتميزة، حيث أنه رابط وجامع بين محطة الرمل ومحطة مصر، وتقاطعه شارع فؤاد الذي يُعد أطول شارع في مدينة الإسكندرية، بالإضافة إلى المعالم الحضارية التي توجد به، مثل: المعبد اليهودي، والكنيسة المرقصية، ومقام النبي الدانيال، ومسجد سيدي عبد الرازق الوفاني.
وأشار روماني في حديثه عن سرداب يُوجد في شارع النبي دانيال في أسفله، يصل إلى كورنيش محطة الرمل، وكان يُعد بمثابة مخبأة للجنود في عصر حكم الدولة الرومانية، وتم ملاحظة بوجود هبوط ارضي، وتم الكشف عنها بسبب وجود كم كبير من الاثار تحت الارض، وتابع الخبراء والمستكشفين كلامهم بوجود حياة تحت الأرض بعد واقعة ابتلاع التاجر، وبعد تكرار الحادثة عدة مرات، ولكن حتى يومنا هذا لم يتوصل احد للكشف عن سر ابتلاع الارض للبشر، وهل هي حقيقة ام مجرد خرافة تم تداولها على الألسنة عبر الزمن؟
“عادات رمضانية سكندرية”
دائمًا ما اشتهرت مدينة الإسكندرية بالرقي والتميز عن أي محافظة أخرى من محافظات مصر، بل واحيانًا عن دول أخرى غير مصر، للإسكندرية روح مختلفة تجعلك مرتبط بها، ولا يمكنك الاستغناء عنها، وفي نهاية المطاف مهما زرت بلاد، إلا انك ترجع إلى الإسكندرية، ولكن لم تكتفي محافظة الاسكندرية بتميزها الحضاري والسياحي فقط، بل تميزت في طابعها الديني، وفي شعائرها، وعادتها الدينية في شهر رمضان المبارك، مما جعلها تتميز بعادات مختلفة في شهر رمضان بالأخص عن أي شهر آخر، وعن أي محافظة أخرى، ولذلك تكون الإسكندرية مقصد كبير للزوار خاصٍ في شهر رمضان، وذلك الإختلاف والتميز ظهر في:
عادات الأكلات:
عرفت الإسكندرية بعادات قفل محلات الفلافل طوال شهر رمضان، والامتناع عن تناولها خلال تلك الشهر المبارك، وذلك يحدث بسبب اعتقاد للشعب السكندري بأن الفلافل تزيد من العطش أثناء ساعات الصيام، ولذلك أصحاب محلات صناعة وبيع الفلافل في الأغلب يُغيرون مجال عملهم في شهر رمضان، وذلك نظرًا لقلة إقبال السكندريين على شراء الفلافل، مُقارنة بباقي الأيام العادية.
ولكن وبرغم ذلك، إلا أن تفتح مطاعم الفلافل في الأيام الأخيرة من شهر رمضان المُبارك، وتتهافت الناس على شرائها، مما يجعل أصحاب المطاعم اضطرارهم لصناعة كميات كبيرة وتعبئتها وبيعها في الجوانب الشارعية، لتخفيف الضغط على المطاعم.
كما برز إسم ولقب “الإسكندراني” في اكلتين شهيرتين في الإسكندرية، أي وهما الكبدة والسدق الإسكندراني، وذلك لأن الشعب السكندري يقوم بطهيهما بشكل مختلف عن باقي المحافظات، مما جعلهم بارعين بهم وتميزوا بهم، واشتهرت ايضًا بأكلات السمك المختلفة، واللحوم.
فطار رمضان وكورنيش البحر وعادات الاسكندرية:
دائمًا ما اتوجدت علاقة وثيقة بين أهالي الإسكندرية بحبهم في تناول الإفطار على كورنيش البحر والعادات المختلفة، دائمًا ما كانت لها شعورٍ خاص، وبهجة، وتجعل لليوم والطعام مذاقٍ خاص، مع امتداد طول الكورنيش من بحري إلى المندرة، تتواجد الناس، لا يوجد تفرقة طبقية، ف الكورنيش السكندري يجمع الناس كلها في وقتٍ واحد لعمل نفس الشيء، بنفس لذة السعادة المُتواجدة في روح البحر.
وعلى امتداد طول الكورنيش يوجد المقاهي والكافيهات، مما يجعل الناس بعد تأدية صلاة التراويح أن يسهروا في الكافيهات للهو واللعب، وتقضية الوقت بشكلٍ سعيد حتى وقت السحور.
ساحة مسجد المرسي أبي العباس وقلعة قايتباي:
بعد تناول الإفطار والحلويات الرمضانية الشهيرة، تتجه الناس لصلاة التراويح في المساجد، اشهرهم في منطقة بحري وهو مسجد أبي العباس المرسي، مما تنطلق الأجواء الرمضانية المليئة بالحيوية والروح الربانية، بالإضافة لوجود ساحة بجانب المسجد مليئة بالألعاب للأطفال، يُمكنهم اللعب واللهو بها، وقلعة قايتباي الشهيرة ايضًا في بحري، مما يسهر بها الناس يأكلون المثلجات والدرة المشوي، والأطفال تلعب بالدرجات.
عادات المنتزة والمعمورة:
تقصد الناس المنتزة والمعمورة لحبهم للأجواء العائلية، والمنتزة تتميز بكبرها ووسع مساحتها، مما تجعل فرصة التجمع للناس بشكل أكبر، وذلك يحدث تحت اشجارها الكبيرة، وتتجه العائلات الى المعمورة للمزيد من المرح واللهو، والانبساط بالالعاب وتقضية الأوقات السعيدة.
الجلوس على الكافيتريات ودوريات كرة القدم الرمضانية:
انقسم جيل الشباب الى جزئين، منهم من يُفضل الجلوس على الكافيتريات والمقاهي، لتقضية الوقت والهو، ولعب ألعاب الدومينو والشطرنج، ومنهم الجزء الآخر الذي يُنظم دوريات كرة القدم الرمضانية طوال الشهر، ويتسابقون للفوز على لقب “بطولة الدورة الرمضانية”، ويقوموا بحجز أرض ملعب بالتأجير في الساعة بمبلغ مالي.
“عادات كسر أطباق الصيني في رأس السنة”
يتميز كل شعب في دولته بعادات وتقاليد مختلفة عن عادات وتقاليد شعب آخر في دولة أخرى، ولذلك يتميز شعب الإسكندرية بعادة في رأس السنة، اعتادوا عليها منذ سنوات طويلة، وينتظروا وقتها في ترقب وسعادة للقيام بها، أي وهي يقوموا بتجميع كل شيء غير قابل للاستهلاك من أطباق صيني أو زجاج، وفي الساعة 12:00 من السنة الجديدة، يقوموا بالقائهم من النوافذ، مع إطلاق الصواريخ والأنوار، في ضوء وأجواء من إستقبال عامٍ جديد.