صناعة الفخار في سلطنة عمان تعتبر من أهم الصناعات اليدوية في السلطنة وواحدة من الشواهد على حضارتها الممتدة لمئات السنين. فهي من أبرز الفنون التي اهتم بها الشعب العماني على مر العصور يتوارثها الأحفاد من الآباء والأجداد لتعلن قدرتها على الاستمرار والبقاء متحدية الصناعات الحديثة والمتطورة، خاصة وأن الدولة ترعاها وخصصت لها مركزاً للتدريب ليدعم قدرتها على التحدي ومسايرة التطورات لتتحول من صناعة بدائية إلى استخدام بعض الطرق الجديدة التي تسهل الأمر على صناعها، وحول هذه الحرفة اليدوية الأصيلة التي تُعَد من التراث في عُمان يدور تقرير ترحالك التالي.
اقرأ أيضًا: صناعة الفخار في مصر .. منتجات تراثية أصيلة في 6 قرى مصرية
صناعة الفخار في سلطنة عمان
صناعة الفخاريات من أقدم الحرف اليدوية في السلطنة، حيث يعود تاريخها لأكثر من 500 سنة. وهي من الصناعات الرائجة في عمان خاصة في محافظة الداخلية وبالتحديد في ولاية بهلاء الشهيرة بالكثير من الحرف اليدوية.
لكن على رأسها الفخاريات التي تعتبر جزء أصيل من موروث الولاية الحضاري. وتعتبر بهلاء مركزاً لتصنيع الفخار حتى انتشر فخارها في جميع أنحاء السلطنة، لأن الأثريين قاموا بتحديد تقنية خاصة بالفخار في الولاية عُرفت باسم “تقنية فُخار بَهلاء”.
وذلك لتمييز إنتاج بهلاء من الفخار عن ما تنتجه باقي المحافظات العمانية، وكذلك عن الفخار المستورد.
ورغم التطور الكبير الذي تشهده هذه الصناعة مع مرور الوقت، إلا أنها تعاني مثل غيرها من الصناعات اليدوية الأخرى من هجرة الصُناع لها وتفضيل استخدام الأواني الحديثة.
هذا ما جعل الاستخدام الأكبر للأواني والمنتجات الفخارية في الوقت الراهن في الديكورات للمنازل والقصور والمحلات والشوارع، لكنها لا تزال تصارع من أجل البقاء.
خاصة أن السُياح يقبلون على زيارة بهلاء ومشاهدة منتجاتها المميزة والتعرف على كيفية وخطوات تصنيعها. وبالطبع تحظى على إعجابهم ويقبلون على شراء الكثير من المنتجات كهدايا تذكارية تُزين بيوتهم من التراث العماني.
صناعة الفخار في بهلاء
كما سبق القول أن مركز صناعة الفخار في سلطنة عمان في ولاية بهلاء بمحافظة الداخلية، وهي مشهورة بصناعته منذ سنوات عديدة من خلال المصانع الأهلية حيث أنه أشهرهم هو مصنع الفخار في بهلاء.
حيث يتم إنتاج الكثير من القطع الفخارية في مصنع الفخار في بهلاء التي كانت تستخدم لتخزين الحبوب والغلال والتمور والفاكهة، كما يتم تصنيع أواني لحفظ المأكولات والمياه وتبريدها.
ويحرص أهالي بهلاء على تعليم حرفة تصنيع الفخار للأبناء حفاظَا عليها من الاندثار والنسيان، ليضع الصانع العماني الماهر لمساته الإبداعية على كل قطعة يصنعها بيديه.
لكن من أين يأتي الصناع بالطين لتصنيع الفخار؟
هناك مصادر كثيرة، حيث يمكن جلب الطين من أربعة مصادر هي تربة المدر في بهلاء، تربة الحجرية من مسقط وولاية الحمراء، تربة الصربوخ من ولاية الحمراء، والتربة البيضاء التي يتم الحصول عليها من ولاية محوت وكذلك من جزيرة مصيرة. وكل هذه المصادر ممتازة وينتج عنها أواني وقطع فخار ذات جودة عالية ومميزة.
تطوير صناعة الفخار في عمان
تشهد صناعة الفخار في سلطنة عمان اهتمامًا كبيراً ليس فقط من أهالي بهلاء، لكن من الدولة نفسها. حيث تم تأسيس مركز متخصص للتدريب على تصنيع الفخار في الولاية تم افتتاحه عام 1986، وذلك لحماية الصناعة والعمل على تطويرها وتحديث أدوات إنتاجها.
ويقع المركز في بهلاء بالتحديد لأنها مركز تصنيع الفخار في عمان وتضم صُناع مهرة ومحترفين، ومع الوقت أصبح هذا المركز مصدراً لجذب السائحين من كل الجنسيات، ويقومون بزيارته لمتابعة هذه الحرفة عن قُرب.
أما عن المنتجات التي ينتجها المركز فهي كثيرة، من ضمنها أواني تبريد المياه والمعروفة باسم الجحال، وكذلك المزهريات لزراعة النباتات والمباخر لحرق الجمرات والبخور.
هذا بالإضافة إلى الأواني الكبيرة التي تستخدم في الزينة والديكور التي تعرف باسم ” الخروس” والكثير من المجسمات التي تزين المنازل والشوارع مثل الحصون الكبيرة والقلاع.
يهمك أيضًا:صناعة دلال القهوة العربية في السعودية .. رمز الأصالة وكرم الضيافة في المملكة
يهمك أيضًا: بهلاء
تطور تصنيع الفخار في بهلاء
تطورت صناعة الفخار في سلطنة عمان منذ القدم وحتى الآن، حيث بدأت في بعض المصانع الأهلية معتمدة على التشكيل اليدوي. حيث كان يقوم الصناع باستخدام أدوات معينة من ضمنها ما يسمى بالدولاب لتشكيل الطين، ثم يقوم بحرقه في “القمائن” وهي عبارة عن أفران مخصصة لذلك.
ليترك بعد ذلك المنتجات الفخارية في الشمس والهواء لتجف وتتحول للون الأسود أو الأحمر وفقًا لنوع المعادن الموجودة في الطين والتي تتأكسد في هذه المرحلة. ثم تأتي بعد ذلك مرحلة التلوين والتزيين التي تعطي في النهاية أشكالاً شديدة التميز.
لكن لم تقف هذه المهنة عاجزة أمام التطورات التقنية الكثيرة التي تحيط بها، حيث حصلت على نصيبها من التطور في مركز بهلاء من خلال استخدام أفران كبيرة وأدوات أكثر تطوراً في كل مراحل التصنيع.
حيث يستخدم المركز أفرانًا كهربائية منذ عام 2004، مع الكثير من المعدات الحديثة التي ساعدة في تطوير الإنتاج للأفضل مع زيادة في كمية المنتجات ونوعياتها بشكل ملحوظ.
حيث ينتج المركز كل أنواع المنتجات الخزفية سواء المخصصة للزينة أو للاستخدام المنزلي، مع تزيينها بألوان كثيرة خاصة الذهبي، ويخضض جزء من الإنتاج للتصدير إلى جانب الاستخدام المحلي.
حيث ينتج المركز يوميًا أكثر من مائة “ملة” بأحجام مختلفة وهي إناء من الفخار شهير في السلطنة، وأكثر من 150 صحن، وطلاء ما يزيد عن 200 قطعة في اليوم بأحجام وأنواع مختلفة. هذا إلى جانب إنتاج أكثر من 40 قطعة فخار من الطين السائل و30 قطعة بيضاء.
هذا التطور في إنتاجية المركز جاء بفضل الآلات والمعدات الحديثة التي تتسم بسرعة الإنجاز مقارنة بالأدوات التقليدية التي كانت تستخدم في الماضي.
مع العلم أنه يوجد به غرف مخصصة للأدوات القديمة التي كان يستخدمها الحرفي من قبل، وذلك لتتعرف عليها الأجيال الجديدة ويشاهدها الزوار خاصة السائحين لمعرفة تاريخ الصناعة وتطورها عبر السنين.
اقرأ أيضًا: صناعة الجرز في سلطة عمان.. أكثر من 5 استخدامات عبر الماضي والحاضر
أقسام مركز فخار بهلاء
حققت صناعة الفخار في سلطنة عمان تطوراً كبيراً مع مركز بهلاء، حيث أنه أصبح مركزاً مهمًا لها، وينقسم إلي قسمين كما يلي:
القسم الأول
قسم مخصص للتدريب بنوعيه النظري والعملي، وذلك لتأهيل كوادر شابة من الذكور والإناث للعمل في هذه الحرفة.
يشارك في التدريب 20 شاب وشابة لمدة عامين متتاليين، وبعد انتهاء فترة التدريب يكون لديهم القدرة على افتتاح مشروعاتهم الصغيرة بأنفسهم وإنتاج منتجات على درجة دقة ومهارة عالية تجذب المستهلك المحلي والأجنبي.
القسم الثاني
هو قسم خاص بإنتاج الفخاريات، ويوجد به الأدوات والمعدات المتطورة، لتمر الصناعة في هذا القسم بعدة مراحل كما يلي:
- إحضار الطين، ويكون بعدة أنواع إما أبيض أو أحمر أو أخضر.
- تنقية الطين من أي شوائب عالقة به.
- يتم مزج الطيب بالماء بأدوات خاصة بالخلط السريع.
- يتم تجفيف الطين من خلال أنابيب متصلة بأحواض تحت الأرض.
- بعد جفاف الطيب من الماء، يصبح عجينة سهلة التشكيل.
- توضع العجينة في أحواض ليتم عجنها جيداً بأدوات مخصصة لذلك.
- يتم أخذ كمية مناسبة من الطين اللين والمجهز للتصنيع لتوضع في دواليب حديثة مخصصة لتشكيله.
- تأتي بعد ذلك مرحلة تجفيف الأواني التي تم تشكيلها.
- يتم حرق الأواني في أفران كبيرة مخصصة لهذا الغرض تصل درجة حرارتها لأكثر من 1000 درجة مئوية.
- يتم إخراج الأواني من الفرن بعد التأكد من انخفاض درجة حرارته إلى أقل من 50 درجة مئوية.
- تأتي مرحلة الزخرفة والتلوين، بعدها يتم إدخال المنتجات لفرن آخر مخصص لتجفيف الألوان.
- الأواني الآن جاهزة للعرض والبيع.
قدم لكم خبراء ترحالك تقريراً حول صناعة الفخار في سلطنة عمان التي انتعشت كثيراً مع تأسيس مركز بهلاء، وهو يعمل على تدريب الشباب على العمل في مهنة الفخار إلى جانب إنتاج الأواني والمنتجات الفخارية عالية الجودة من خلال استخدام أدوات ووسائل متطورة لتؤكد استمرارية هذه الحرفة وتطورها لتبقى واقفة على قدميها عبر السنين.
المصادر
ما معنى كلمة الجحله؟
هي كلمة شهيرة في صناعة الفخار حيث أنها من أهم المنتجات الفخارية والتي تشير إلى إناء تبريد الماء يتم صناعته من الفخار.
ما الفرق بين الفخار و الخزف؟
إن الخار يمتاز بعدم قدرته علة كشف الضوء وهذا بسبب كونه من المواد المعتمة وبالتالي فلا يسمح بمرور الضوء من خلاله. أما الخزف فهو على النقيض، حيث أنه ليس مادة معتمة لذا فتسمح بمرور الضور من خلالها.
ما أشهر الفخاريات العمانية؟
تتعدد الفخاريات العمانية التي يتم صنعها بواسطة الأشخاص هناك، ولكن يأتي عر رأس أشهر الفخاريات العمانية هناك الجحلة العُمانية. وهي الزير الذي يوضع فيه الماء ليبرد.