إذا كنت مهتم بمتابعة حدث موكب المومياوات الملكية، ومغادراتها من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة، بالتأكيد أنت شغوف بأسرار الحضارة الفرعونية العريقة.
ومن بين تلك المومياوات التي سيتم نقلها اليوم، مومياء الملك “أمنحتب الثالث”، إذا كنت تود معرفة تاريخه وأسرار عصره ننصحك بقراءة هذا المقال.
من هو الملك أمنحتب الثالث
يعد أمنحتب الثالث، تاسع فراعنة الأسرة الثامنة عشر، ومن أعظم حكام مصر على مر التاريخ.
ذكر المؤرخون، أن الملك أمنحتب الثالث، أحد أعظم الملوك البنائين في تاريخ مصر، نظرًا لأنه من الملوك الذين عمروا وبنوا الآثار العظمى، والتي من شأنها ساعدت على تخليد الحضارة المصرية في التاريخ.
جده ووالده، من أشهر الملوك الفاتحيين في تاريخ الإمبراطورية المصرية، بالإضافة إلى أبنه وحفيده أيضًا، حيث ذاع صيتهم حتى في وقتنا الحالي.
قال عنه العلماء التاريخ، بأنه الملك الذي بنى مجده بيده، ولُقب بأمنحتب العظيم، وهوالفرعون 9 من الأسرة 18.
عائلته
يعد أمنحتب الثالث، ابن امنحتب الثاني ويعرف باسم “تحوتمس الرابع” والملكة موتِمْوَيَا، هي ملكة مصرية قديمة غير حاكمة، وكانت الزوجة الثانوية للملك امنحتب الرابع.
تزوج أمنحتب الثالث في السنة الثانية من حكمه من الملكة “تِيْيِ” ولم يكن لها أصول ملكية، ولكن والداها كانا يشغلان مناصبا راقية في الدولة.
أنجبت الملكة “تيي” من لملك أمنحتب الثالث الملك أمنحتب الرابع، والذي آمن بالإله الواحد ومثله في الشمس (آتون) كعاطية للحياة، سمي أمنحتب الرابع نفسه بـ “إخناتون” ومعناه “المخلص لآتون”.
وأرجع بعض المؤرخون، أن السبب وراء عدم لمعان أسمه في التاريخ، هو شهرة جده الكبيرة تحتمس الثالث مؤسس الإمبراطورية المصرية وأعظم الملوك المحاربين في التاريخ، وأبوه تحتمس الرابع الذي كان أيضًا من الملوك المحاربين وصناع أمجاد مصر عسكريًا.
وقال بعض العلماء التاريخ، أن أبنه الملك أمنحتب الرابع المعروف بأسم أخناتون كان أكثر شهرة من أبيه، لأنه كان صاحب رسالة دينية، تدعوا للتوحيد وتراثه الفكري متداول حتى الأن.
أما عن حفيده، وهو صاحب أشهر وجه في العالم ،وهو الملك الذهبي” توت عنخ آمون”، إلا أن التاريخ لم يُذكر له أعمال أيضًا ومات في مطلع شبابه.
حكمه
حكم مصر لمدة أربعون عامًا، وهي الفترة ما بين 1391 -1353 ق.م، ويعتبر أمنحتب الثالث مقاول عمران الآثار المصرية بلا مناذع، وخلال فترة حكمة صعدت مصر إلى قمة مجدها القديم.
ذكر المؤرخون، أن فترة حكمه تعد من العصور الذهبية لمصر بكل مقاييس القوة والفنون والحضارة والسيطرة السياسية والعسكرية، وبسببها أستحق لقبه”أمنحتب العظيم”.
تسلم حكم مصر وهو طفل عمره 12 سنة، كان يحكم تحت الوصاية حتى سن الرشد، أسمة الملكي هو”آمون حتب” ومعناه آمون راضي أو آمون سعيد، وتوج بأسم”نب ماعت رع” معناه إله الحق وإله العدل رع.
عند استلامه الحكم كانت مصر في قمة ثرائها وأوسع حدودها وتتمتع بالسلام مع كل جرانها لفترة طويلة بسبب انتصارات الأب والجد، وبالنسبة لفترة أمنحتب الثالث كانت هادئه نسبيًا واستغلها المصريين في البناء.
أعمال الملك أمنحتب الثالث
حروبه ليست كثيرة، ولم تتجاوز سوى حملات لإخضاع محاولات التمرد في الجنوب. والحفاظ على الرخاء والنمو الأقتصادي داخليًا وتوسيع النفوذ السياسي لمصر خارجيًا .
كان أمنحتب الثالث لديه مهارة دبلوماسية كبيرة، والتي ساعدته في الانفتاح على ثقافات الشعوب الأخرى ودمجها في الثقافة المصرية القديمة.
وهذه المهارة انعكست بشكل كبير في تطور الفنون وأساليب الرسم والنحت في فترة حكمه، حيث تم العثور على 250 تمثال له وهذا يعتبر أكبر عدد للتماثيل يتم الحصول عليه لفرعون واحد.
من أهم الوسائل التي أستخدمها أمنحتب الثالث في تنمية التبادل التجاري والثقافي وتعزيز العلاقات الدبلوماسية مع الدول المجاورة هو زواجه من أميرات البيوت المالكة في هذه البلاد.
إلا أن زوجته الأساسية هى “الملكة تيي” ولم ينجب إلا منها، تزوجها بعد توليه العرش بسنتين تقريبًا رغم كونها ليست من العائلة الملكية وهذا مخالف للتقاليد وكان يعتبر مغامرة يمكن أن تخسره عرشه.
اهتماماته
كان الملك أمنحتب الثالث، مولع بالقنص والصيد وكان صياد عظيم، وهذا ما وضحته منحوتات عصره التي وضحت أنه اصطاد 100 ثور بري في رحلة صيد واحدة لمدة يومان.
كما أن هناك جعران مدون عليه أنه في أول ١٠ سنوات من حكمة اصطاد أكثر من ١٠٠ أسد.
آثاره
بنى الملك امنحتب الثالث معبدًا في طيبة ولكن دُمر بالكامل، كما بنى أيضًا بنى معبد للإله مونتو “إله الحرب” الذي كان رب إقليم طيبة حينها، ولكن حل محله الإله آمون، وبني معبد آخر للآلهه “موت” زوجة الإله “آمون رع”.
ولأمنحتب الثالث تمثالان جالسان يعرفان باسم تمثالي “ممنون” في طيبة الغربية، منحوت كل منهما من قطعة واحدة من الحجر الرملي الأحمر ويبلغ ارتفاعه 15 مترا بدون القاعدة.
شيدهما المهندس أمنحتب بن حابو، وكانا يزينا واجهة معبده الجنائزي يعد تمثال ممنون، من أشهر تماثيل الملك أمنحتب الثالث.
وذكر المؤرخون، أن أشكال التماثيل في عهده شهدت تطورًا كبيرًا عن غيره من التماثيل الفرعونية في العصور السابقة لعصره، والتي كانت أقرب لشكل الحقيقي للإنسان وليس الشكل المثالي الذي كان معتاد في التماثيل الفوعونية.
مقبرته
تم اكتشاف المقبرة عام ١٧٩٩م، بواسطة عالم الآثار “بروسبر جولوا وإدوار دي فيلييه دو تراج”، وتم العثور على مومياء الملك أمنحتب الثالث في خبيئة الدير البحري عام ١٨٨١م.
تعرضت المومياء لتلف كبير وخصوصًا عند منطقة الرأس. وبدراسة المومياء تبين أنه مات وسنة لا يتجاوز ٥٠ سنة وأنه كان بيعاني من آلام شديدة في أسنانه ولكن سبب الوفاة مازال مجهول.