توت عنخ آمون، حضر البريطاني «هوارد كارتر» إلى القاهرة كرسام مولع بالحضارة المصرية القديمة ينقل الرسومات من المعابد الفرعونية على أوراقه الخاصة، لكنه لم يكن يعلم أن شغفه بالحضارة المصرية، سيقوده إلى الاشتراك في التنقيب ثم إلى الكشف عن أشهر مقبرة ملكية في مصر، ويرتبط اسمه بملك الملوك «توت عنخ آمون».
اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون
ففي 4 نوفمبر 1922 كانت نقطة التحول في مسيرة العالم «هوارد كارتر» البحثية في علم المصريات، باكتشافه مقبرة«توت عنخ آمون» الملكية في وادي الملوك في محافظة الأقصر في دولة مصر، حتى أنه أصبح من أشهر علماء عصره، وأصبح يُدعى من كافة المؤسسات الدولية، لإلقاء المحاضرات عن كشفه الآثري، الذي أصبح في حينها حديث العالم.
محتويات مقبرة توت عنخ آمون
مقبرة «توت عنخ آمون» من أهم وأشهر المقابر الملكية، لكونها نجت من سطو لصوص المقابر، واحتوت على 5 آلاف قطعة آثرية من القطع والتماثيل الذهبية، ويأتي «قناع الموت الذهبي» على جسد الملك الشاب من أهم الكنوز الآثرية التي تم العثور عليها داخل المقبرة، والذي يقدر وزن الذهب بداخله بنحو 10 آلاف كيلو جرام.
أما الملك«توت عنخ آمون» كان أحد فراعنة الأسرة المصرية الثامنة عشرة في تاريخ مصر القديم، وذلك الفترة من 1325- 1334 ق.م ، وفي عمر 9 سنوات أصبح«توت» فرعونًا وعاش في فترة انتقالية بتاريخ مصر القديمة، وقد توفى في سنًا مبكرًا.
إقرأ أيضا:
- أسرار لعنة توت عنخ آمون
- وصف قناع توت عنخ آمون الذهبي
- محتويات مقبرة توت عنخ آمون بالصور
- أسطورة لعنة الفرعون سلسلة ما وراء الطبيعة
قصة اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون
عمل«هوارد كارتر» كمفتش آثري في صعيد مصر في الجنوب، وتمكن من إتقان اللغة العربية، لسهولة التواصل مع عمال المناطق والمقابر الآثرية، وعندما كان يقوم بأعمال الحفريات عند مدخل قبر الملك رمسيس الرابع في وادي الملوك، لاحظ وجود قبو كبير، وقد استمر في الحفر حتى وصل إلى الغرفة التي تضم مقبرة توت عنخ آمون.
مقبرة توت عنخ آمون من الداخل
وجد«هوارد كارتر» أن المقبرة تحتوي على رسوم تحكي عن قصة رحيل الملك توت عنخ آمون إلى عالم الأخرة، وقد وجد داخل المقبرة جميع الأدوات والوسائل التي توضع مع الموتى داخل مقابرهم، لكي تعينهم في العالم الآخر وهي عربة ذهبية، أواني بها أطعمة، أحذية الملك، مقعد صغير، آلاف من التماثيل الفرعونية الذهبية الصغيرة، أسرة للنوم، أدوات الحرب.
وقد وصف العالم تلك اللحظة في كتابه بقوله”ببطئ قاتل بدأنا نتحسس المدخل، لقد حلت النقطة الحاسمة، وبيدين مرتعشتين فتحت فتحة صغيرة، نظرت منها خلالها، وفي البداية لم أرى أي شئ، لكن بعد أن تعودت عينيا على ضوء الشمعة بدأت تفصيلات الحجرة تتضح، وشاهدت حيوانات غريبة، تماثيل وذهب، وكان الذهب يسطع في كل مكان، وألجمت الفرحة لساني”.
غرفة تابوت توت عنخ آمون
أما في 16 فبراير 1922 كانت اليوم الحاسم والمدهش الذي أعلى من قيمة الحضارة الفرعونية والمقبرة، هو الكشف عن أرض الغرفة التي تحوي تابوت«توت عنخ آمون»، ليكون العالم البريطاني هوارد كارتر أول إنسان يطأ قدمه على أرض الغرفة منذ أكثر من 3 آلاف عام .
وقد وصف العالم البريطاني تلك اللحظة في مذكراته التي يحتفظ بها المتحف المصري الكبير في العاصمة القاهرة بقوله”كنا جميعًا مذهولين إلى درجة يصعب وصفها، كنا كالمجانين، فقد كانت الأثارة أكبر من احتمالنا”.
محتويات غرفة التابوت
وجد العالم البريطاني صندوقًا خشبيًا ذات نقوش مزدانة بالذهب في وسط الغرفة، وعندما رفع الصندوق قد لاحظ أن الصندوق يغطيه صندوقاً ثانيًا أيضًا مزخرفاً بنقوش مزدانة بالذهب، وعند رفع الصندوق الثاني وجد أنه يغطيه صندوقًا ثالثًا مزود بالذهب، ولكن عند رفع الصندوق الثالث وصل إلى التابوت الحجري الذي كان مغطى بطبقة سميكة من الحجر المنحوت على شكل تمثال لتوت عنخ أمون.
وعند رفع الغطاء الحجري وصل إلى التابوت الذهبي الرئيسي الذي كان على هيئة تمثال توت عنخ آمون، وكان هذا التابوت الذهبي يغطي تابوتين ذهبيين آخرين على هيئة تماثيل للفرعون الشاب.
الوصول إلى الملك توت عنخ آمون
قطع التوابيت الذهبية الثلاثة
اضطر العالم البريطاني إلى قطع الثلاثة توابيت الذهبية لكي يصل إلى جسد توت عنخ آمون، ولصعوبة رفع الكفن الذهبي الثالث، اضطر إلى قطع الكفن الذهبي إلى نصفين ليصل إلى المومياء الذي كان ملفوفاً بطبقات من الحرير، وبعد إزالة الكفن المصنوع من القماش وجد مومياء توت عنخ أمون بكامل زينته من القلائد الذهبية الخالصة.
وعقب إزالة الحلي أعاد الفريق البحثي تركيب الهيكل العظمي للمومياء ووضعوه في تابوت خشبي في عام 1926.
كتاب توت عنخ آمون
كتب هوارد كارتر كتابًا يوثق اكتشافه الآثري الضخم باسم «توت عنخ آمون» مكون من ثلاثة أجزاء، يوثق ذلك الاكتشاف ومحتويات المقبرة، ويصبح الكتاب إلى اليوم مرجعًا عن ملك الملوك، ثم بدأ يسافر العالم إلى دول العالم يحكي عن كشفه الآثري الضخم، وقد عاد إلى لندن وتوفى في عام 2مارس 1932.
وقد تحول منزل العالم البريطاني في لندن إلى مزار سياحي أمام الأجانب، ويحتوي منزله على رسومات المقبرة والتابوت كما رسمها «كارتر» بنفسه، بجانب أدوات حياته الشخصية والبحثية.