فن النقدة في البحرين من أشهر الحرف اليدوية القديمة التي كانت تعمل بها النساء في الماضي، حيث كانت المرأة البحرينية تقوم بتطريز الثياب وتزيينها بأشكال يدوية رائعة الجمال، حقًا كانت تشعر بالسعادة والفخر عندما ترتدي ملابس جذابة من صنع يديها تنافس بها ما تقدمه بيوت الأزياء العالمية. لكن ما هو حال هذه الحرفة المميزة الآن بعد انتشار بيع وشراء الأزياء الجاهزة بأشكال وتصميمات كثيرة، هل لا زالت قادرة على الصمود والمنافسة أم أنها في طريقها للاندثار؟ تقرير ترحالك التالي يجيب على هذه الأسئلة بوضوح وتفصيل مع توضيح الكثير من المعلومات حول هذه المهنة التراثية الشهيرة في مملكة البحرين.
قد يهمك أيضاً: كم تبلغ مساحة متحف البحرين الوطني؟
فن النقدة في البحرين
متى كانت النساء في البحرين يمارسن هذه الحرفة اليدوية المميزة؟ وماذا يقصد بها؟ اعتادت المرأة البحرينية على تطريز الأقمشة والملابس في الصباح وهي تتناول فنجانًا من الشاي وتتحدث مع صديقاتها، لتجد نفسها قد قامت بتطريز جميل رغم صعوبته.
ذلك لأن النساء قديمًا وقبل عصر النفط كان لديهن الكثير من الوقت للقيام بالكثير من الأشغال اليدوية المثمرة خاصة في أوقات غياب الرجال خلال رحلات صيد اللؤلؤ.
ويقصد بهذا الفن تطريز ملابس النساء باستخدام أسلاك فضية وذهبية بشكل يدوي متقن للغاية، خاصة أنه كان يتم تطريز ثوب العروس وملابسها خاصة الأقمشة الخفيفة مثل التور والشيفون وبالطبع الحرير، ويسمى فستان العروس بعد تطريزة بـ “المنقد”.
وتطور الأمر وأصبح التطريز يتم للشالات والعباءات وكذلك المفارش وكافة القطع التي يمكن أن تستخدم في تزيين ديكورات المنزل بلمسات فنية يدوية رائعة الجمال.
أما بالنسبة لكلمة ” النقدة ” فيقصد بها الخيوط التي تستخدم في تطريز الثياب، وتكون مطلية بالذهب والفضة وبعض القري في البحرين يطلقون عليها اسم ” النغدة” ويسمى الثوب المطرز بالدراعة.
أدوات النقدة الأساسية
ماذا تستخدم المرأة في تطريز الملابس في فن النقدة في البحرين ؟
تحتاج بالطبع إلى الثوب أو الأقمشة التي يتم تطريزها وتكون جاهزة للعمل ونظيفة. كما يجب تجهيز الخيوط الذهبية والفضية التي يتم استيرادها من الهند، أما الإبرة فهي غير عادية ويتم تصنيعها خصيصًا لهذا الغرض وهي بها فتحتين.
وتعتبر هذه الحرفة من المهارات اليدوية الصعبة التي تحتاج للصبر والدقة والإتقان، ذلك لأن الغرزة الواحدة يتم تنفيذها نقطة – نقطة،.
كما يتم حياكة كل غرزة على حدا وبشكل منفرد حتى يكتمل الشكل النهائي المطلوب الوصول إليه. أما بالنسبة للأشكال التي يتم تطريزها فهي متنوعة جداً ومستوحاة من الطبيعة من ضمنها أم أربع، الهلال، الدبلة، النجمة، الكازوة، اللوزية، البقول، الفرخ الصغير والفرخ الكبير.
مع العلم أن خطوات عملية التطريز تختلف وفقًا لطبيعة الثوب، حيث يتم تطريز الثوب الشعبي بعد حياكته وتفصيله. لكن هناك بعض الموديلات يتم تطريز القماش أولاً ثم حياكة الثوب.
اقرأ أيضًا: سعر الدخول متحف البحرين الوطني
تطوير حرفة النقدة في البحرين
فن النقدة في البحرين من الفنون الأصيلة والتراثية التي أبدعت فيها المرأة في مملكة البحرين، وقدمت عبر السنين الكثير من الأزياء التي تم تطريزها بأشكال فنية أنيقة وجذابة.
لكن هذه الحرفة التراثية تواجه الإهمال من الأجيال الجديدة شأنها شأن جميع الحرف اليدوية. حيث لا تهتم الفتيات الصغيرات بتعلمها من الأمهات والجدات، خاصة ما رغبتهن في شراء الأزياء الجاهزة.
هذا ما جعل الكثير من الجهات في المملكة البحرينية تنتبه لهذه المشكلة التي يواجهها هذا الفن خاصة بعد ملاحظة وفاة الكثيرات من العاملات الماهرات أو تقدم الكثيرات منهن في العمر.
مما يعني أن هناك خبرات كثيرة في طريقها للزوال، مما يمنع انتقال الخبرة للأجيال الجديدة من الفتيات. هذا ما دفع جمعية أوال النسائية لتأسيس مشروع خاص بتطوير فن النقدة في البحرين والاهتمام به.
حيث بدأت عام 1996 بتجميع كل النساء العاملات في هذه الحرفة من الكبيرات في العمر. وبدأت الجمعية بالفعل في تنظيم دورات تدريبية تعمل من خلالها على تعليم الفتيات الصغيرات والشابات هذه الحرفة اليدوية الأصيلة، وذلك لضمان انتقال الخبرات الخاصة بها بين الأجيال.
ومهمة الأساسية الاهتمام بمهنة النقدة وتطويرها وإعادة إحيائها من جديد، والحفاظ على تراث البحرين وتاريخها. وكذلك تطوير قدرات ومهارات المرأة البحرينية وتشجيعها للممارسة الأشغال اليدوية، ليصبح لديها مشروعها الخاص بها الذي يعطيها القدرة على العمل والنجاح ليكون لديها دخل مادي ثابت خاص بها.
وقد ساهم هذا المشروع الطموح في رفعة قيمة وأهمية الأشغال اليدوية في المملكة. وساعد كثيراً في توفير مصادر عمل ودخل متنوعة لتحسين وضع كثير من الأسر في البحرين بتوفير فرص عمل مميزة للفتيات بعد تلقي التدريب المناسب في الجمعية.
شاهد أيضًا: صناعة دلال القهوة العربية في السعودية .. رمز الأصالة وكرم الضيافة في المملكة
تطور منتجات فن النقدة في البحرين
خاصة أن مشروع جمعية أوال النسائية يعمل على تطوير منتجات النقدة، بعد أن كان يتم تطريز الثياب وأغطية الرأس فقط، امتد الأمر نحو القيام بتطريز المفارش وأدوات المنزل والأغطية وكذلك اللوحات التي تستخدم في الزينة والديكور.
ذلك ليتم التطوير بشكل يتناسب مع الذوق الحديث للنساء في البحرين، كما يتم تطريز منتجات أخرى من ضمنها ايشاربات الرأس والوسائد والأساور والبطاقات للمعايدة وحوامل المفاتيح.
مع العلم أن هناك الكثير من المراكز الاجتماعية الأخرى التي سارت على درب جمعية أوال واهتمت بتطوير هذه الحرفة اليدوية وقدمت الدورات والورش التدريبية والتعليمية من ضمنها هيئة البحرين للثقافة والآثار.
كما تقدم النساء الخبيرات في هذا الفن الدورات التدريبية بشكل مستمر في أمان كثيرة تحت إشراف وزارة التنمية الاجتماعية في البحرين.
جمعية اوال النسائية
كما سبق القول أن تعتبر هذه الجمعية من أشهر الجمعيات التي اهتمت بتطوير فن النقدة في البحرين بشكل يناسب العصر الحديث، لذا فإن مشروعها قد حصل على اهتمامًا كبيرة ومنحة من منظمة الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة “الأجفند”.
مما جعل المشروع يبدأ بشكل قوي في أكتوبر عام 1996 لتستغرق أول دوراته التدريبية حوالي ثلاثة أشهر، واستهلت عام 1997 ببدء إنتاج الفتيات الفعلي.
وقامت بعد في أكتوبر 1997 بتنفيذ أول معرض رسمي لطرح المنتجات التي تم تنفيذها ويستمر لأكثر من أسبوع وحصل على إقبال كبير من عشاق المشغولات اليدوية الأصيلة.
مع العلم أن المشروع الآن أصبح يلبي طلبات كثيرة من الأفراد والمؤسسات الكبيرة سواء الخاصة او الحكومية أو الدولية خارج البحرين أيضًا. كما تستقبل الجمعية زوار من طالبات المدارس بشكل مستمر، مما يجعلها من أهم مراكز تطوير فن النقدة وانعاشه.
ويمكن التواصل مع الجمعية للشراء أو التدريب عبر البريد الإلكتروني awalws@gmail.com أو من خلال الهاتف 17678947 973+ أو 17678927 973+ أو عبر موقعها الرسمي من هنا.
تابع أيضًا: صناعة البشوت التراثية في السعودية .. تعرف على تاريخ المشلح السعودي العريق
اسعار منتجات النقدة
فن النقدة في البحرين من الحرف اليدوية الصعبة والتي تتطلب أن تكون المرأة ماهرة وخبيرة في التطريز بطريقة معينة وغير تقليدية.
ذلك لأن لها أدوات خاصة بها من أبرة خاصة وخيوط أكبر من العادية ومطلية بالذهب والفضة، كما أن التطريز نفسه يتم بصعوبة. مما جعل أسعار المنتجات مرتفعة، حيث يتراوح سعر الثوب بين 50 – 1000 دينار، حيث يختلف السعر من منتج لآخر.
وتقوم جمعية أوال بتنظيم معارض من وقت لآخر لتنشيط بيع المنتجات التي يتم تطريزها ويقبل عليها الكثيرين، مما يضمن الربح للنساء العاملات في هذه المهنة.
قدم لكم ترحالك تقريراً حول فن النقدة في البحرين الذي يعتبر من أهم الحرف اليدوية والتراثية، حيث تتوارث النساء هذه المهارة عبر الأجيال، لأنه ينتج عنها ثياب رائعة الجمال، لذا فإنها حتى الآن قادرة على البقاء وتحدي بيوت الأزياء الحديثة، لأنها تقدم ملابس مطرزة يدويًا بخيوط الذهب والفضة بتصميمات فريدة من نوعها، وهذا سر من أسرار سحرها عبر العصور.
المصادر
كم سعر ثياب النقدة؟
يختلف أسعار الثياب أو الملابس التي تم استخدام تطريز النقدة بها حسب القطعو وحجم التطريز نفسه، ولكن بشكل عام تبدأ أسعارها من 50 ديناراً وقد تصل إلى 1000 ديناراً للثوب الواحد.
ماذا يعني مصطلح النقدة؟